الأمازيغ عبر التاريخ : نظرة موجزة في الأصول والهوية الحلقة السادسة والاخيرة
الحلقة السادسة والاخيرة
تثير مسألة الهوية في أفريقيا الشمالية (Berbérie) إشكالا عميقا، فقد تمّ التعامل مع التاريخ في هذه المنطقة بطريقة انتقائية [التركيز على فترات وحذف أخرى] وكان يفترض أن تتوجّه البحوث التاريخية والعلوم المتّصلة بالتاريخ إلى هذا المجال، عوض تكريس حالة الاستلاب(Aliénation) التي جعلت بعض الشمال أفريقيين يتنكّرون لذاتهم، وينافحون من أجل انتماءات مصطنعة.
لعلّ البعض معذور في هذا السياق، بسبب غياب شبه تامّ للبحوث والدراسات في هذا الموضوع، والأخطر هو تحرّك الآلة الإيديولوجية بالمسخ والترهيب وجميع التهويمات (Fantaisies)، فهل يمكن أن تكون هوية شعب مصدر رعب له بهذه الصيغة المفتعلة وإذا كانت الهوية في كلّ بلاد الدنيا عامل استقرار وتضامن واتّحاد فكيف تكون في شمال أفريقيا عامل قلق واضطراب؟.
يمتلئ التاريخ المدرسي والجامعي بالكثير من المغالطات، بعضها مقصود وبعضها ساذج وسطحي، مثل تقديم الشعب الأمازيغي المستعرب على أنّه شعب عربي[بالمعنى العرقي] مستوطن في هذه البلاد، وبذلك تحذف أهمّ حلقات التاريخ الأمازيغي وهي حلقة الاستعراب أي تحوّل الأمازيغ إلى التعبير بعربية متميّزة، هي التي أسمّيها : العربية كما تكلّمها الأمازيغ، وهذه هي العربية الشعبية التي نتكلّمها يوميا في مدننا وأريافنا، بلكنة أمازيغية لا تخفى على المتخصّصين في الألسنية، وقد انجرّ عن هذه المغالطة توهّم وجود شعبين في أفريقيا الشمالية، ليسهل فيما بعد إذكاء روح العداوة والفتنة بينهما.
إذن، لقد وقعت مغالطة كبيرة عندما توهّم بعض المستعربين أنفسهم عربا (بالمعنى العرقي)، وسلك البعض منهم مسلك التناقض إزاء إخوانهم من المحافظين بإيحاء من بعض نشطاء السياسة البائسين، الذين يقفون خلف مثل هذه الأعمال المشبوهة، والواقع أنّ الشعب واحد في أصوله وتقاليده وعاداته وإيجابياته وحتّى في سلبياته، أمّا العربية فهي لغة رسّخها الإسلام، وتعلّق بها الأمازيغ مستعربون ومحافظون على السواء، ولعلّ هذه الدراسة الموجزة تفيد في إلقاء الضوء على هذا الموضوع الذي لا نبالغ إن اعتبرناه موضوع الساعة في عموم الشمال الأفريقي.